كيف تشعر الحيوانات بالزلازل و البراكين قبل حدوثها؟
دائماً عند دراستنا حيوان من الحيوانات نستشعر فيها عظمة وقدرة الله سبحانه وتعالى ونرى كيف كل حيوان يعيش في بيئة مخصصة، حيث يكون مخلوق مؤهلًا بالكامل حتي يتناسب مع البيئة التي يعيش فيها.
بالإضافة إلى توافر القدرات لديه الذي تجعله يواجه البيئة مهما كانت الظروف مستحيلة وقاسية على البشر، لذلك دائماً ما نتطفل على عالم الحيوان لكي نتعرف عليه أكثر.
ومعرفة كيف تعمل قدراتهم وكيف يمكننا الاستفادة منها؟ ومحاكاتها بالمزيد من الاختراعات لتسهل علينا حياتنا، ومن القدرات التي يعتقد أن الحيوانات تمتلكها هي قدرة استشعار المخاطر الطبيعية قبل حدوثها مثل الزلازل البراكين.
في حين معرفتنا لهذه الكوارث عندما تكون قد حدثت بالفعل، وعلى الرغم من تمكن الإنسان من تطوير الأجهزة لكي يتم التنبيه قبل حدوث الكوارث الا ان هذه الأجهزة لا تعمل بالكفاءة المطلوبة.
حيث أن الحيوانات تشعر بالكوارث قبل الأجهزة الذي صنعها الإنسان حسب كلام شهود العيان، لكن السؤال هنا هل الحيوانات يمكنها استشعار الكوارث الطبيعية؟ فإذا كان الأمر صحيح فكيف تشعر الحيوانات بالكوارث الطبيعية قبل حدوثها؟
تنبؤ الحيوانات بحدوث كارثة تسونامي 2004
في صباح يوم 26 ديسمبر من العام 2004 في إندونسيا، المشهد كان يتنبأ بأجواء لطيفة ومناخ معتدل مع إشراقة الشمس والهدوء يطغى على سواحل المحيط الهندي الساحرة.
ومع دقة الساعة الـ 7:59 دقيقة تحول الهدوء إلى فوضى ورعب مع هزة أرضية تحت البحر والتي نتج عنها زلزال بقوة 9.1 درجة وضربت المحيط الهندي وتسبب في سلسلة من موجات تسونامي.
فقد وصل إرتفاع الموجة منهم إلى 9 أمتار وأكثر وهدمت ما كان أمامها من سواحل وشواطئ وبيوت، حيث لم يقتصر الأمر فقط على إندونسيا ودول آسيا فقط، بل طالت هذه الأمواج العديد من المناطق الساحلية البعيدة عن شرق قارة إفريقيا.
بعد نهاية الكارثة صدرت تقارير رسمية من كل دولة توضح ماحدث والعواقب والخسائر، وقد أفادت مجموعة من التقارير عن عدد وفيات لا يقل عن 225 ألف إنسان من مناطق ودول مختلفة يبلغ عددها 12 دولة.
الغريب في الأمر والذي أثار الجدل وقت حدوث الكارثة أن بعض شهود العيان الناجين من الحادثة ذكروا كلامًا غريبًا يدور حول الحيوانات خصوصًا الأفيال التي تشتهر بها إندونسيا.
وهي أنها كانت تقوم بالجري بشكل جنوني وغريب وصعودها لأماكن ذات إرتفاع عالي قبل وقوع الكارثة بساعات، بل ان حتي الطيور تركت أعشاشها وحلقت بعيدًا عنها والكلاب أيضا كانت في حالة من التوتر والتخفي في المنازل.
بالإضافة إلى السكان المحليين شبه قد أجمعوا كان هناك قطيع من البقر على الشاطئ ينظر إلى البحر بنظرات متوترة بعد ذلك هروبهم إلى قمة تلة صغيرة بالقرب، حيث كان هذا الأمر قبل حدوث تسونامي بدقائق معدودة.
من هنا أخذت الناس تتحدث عن قدرة الحيوانات لاستشعار الكوارث الطبيعية قبل حدوثها، وتناقل الكلام عن سلوك الحيوانات قبل حدوث تسونامي لكن أخذ البعض بتأليف القصص والأساطير أثبت العلماء عدم صحتها.
ومع إنتشار الشائعات بدأ الباحثين يأخذون خطوات جادة من أجل البحث ودراسة التاريخ حتي يتطلعوا على سلوك الحيوانات قبل حدوث الزلازل، وعلى الجانب الآخر دراسة الواقع حتي يتمكنوا من معرفة هل الحيوانات لديها القدرة على التنبأ بحدوث الزلازل؟ ام هذا الكلام غير صحيح.
تسونامي في عام 2004 لم تكن الكارثة الوحيدة من نوعها الذي جعلت الباحثين يبحثوا في موضوع الحيوانات وسلوكها قبل حدوث الكوارث، هناك كوارث كثيرة أيضا تتراوح بين تسونامي وانفجارات بركانية أو زلازل.
أظهرت الحيوانات فيها بمختلف أنواعها سلوكيات غير معتادة، ومع البحث تم الاكتشاف أن أحد الفلاسفة اليونانية سجل واقعة شبيها سنة 373 ق.م.
بلغ فيها أن الفئران والكلاب والثعابين هجروا مدينة هيلز في الأيام التي سبقت وقوع زلزال كارثي، حيث لم يكتفي العلماء بالتاريخ وحاولوا أكثر من مرة التأكد من هذا الكلام بأنفسهم.
دراسة تؤكد شعور الحيوانات بوقوع الزلازل قبل حدوثها
ففي عام 2014 مجموعة من الباحثين اليابانين ظلوا يتتبعون كمية اللبن التي تنتجها مجموعة من الأبقار في أحد المزارع، فـ الأبقار تنتج الللبن بكمية ثابتة كل يوم واى تغير تشعر به الأبقار يأثرعلى نشاطهم اليومي والذي يتضمن إنتاج اللبن.
فقبل حدوث زلزال في المنطقة بمدة زمنية 3 أسابيع كمية اللبن التي تنتجها الأبقار قلت بشكل ملحوظ بسبب التوتر، لم يتمكن الباحثين من معرفة كيف شعرت الأبقار بحدوث زلزال قبلها بـ 3 أسابيع الا أنهم اثبتوا أنه يوجد علاقة بين الشيئين.
هذه لم تكن الدراسة التتابعية الوحيدة في هذا الموضوع حيث ان الدرسات التي أثبتت أن الحيوانات لديها هذه القدرة كثيرة، أشهرهم هي دراسة معهد (max Planck institute) السلوكي.
والذي أجرت فيها تجارب على الأبقار والأغنام والكلاب، وفي هذه الدراسات وضع الباحثين أطواق تتبع تقيس سرعة الحيوانات في أحد المزارع في إيطاليا في منطقة مارشي المعرضة للزلازل.
البيانات التي كانت ترسلها الأطواق للباحثين قامت بإظهار أنه قبل 20 ساعة من وقوع زلزال في المنطقة حركة الحيوانات قد تغيرت بشكل ملحوظ، وكلما كان الزلزال يقترب كلما تغير سلوكهم أكثر وأكثر.
السؤال الذي حير العلماء وحتى وقتنا هذا كيف تمكنت الحيوانات من الشعور باقتراب الكوارث الطبيعية قبل حدوثها؟، ولكي يتمكن العلماء من فهم هذا الأمر بدءوا في دراسة التغيرات المصاحبة للكوارث، ومن خلالها استنتجوا ان الحيوانات تستشعر الكوارث من خلال المعالم المصاحبة لها.
بعض العلماء افترضوا ان الحيوانات والطيور تستطيع الشعور بالاهتزازات التي تحدث في الصفائح التكتونية الموجودة في القشرة الأرضية، فعندما يجدوا الأرض تهتز يبدءوا في الابتعاد عن الاهتزاز أو إظهار السلوك الغريب الناتج عن التوتر.
لكن هذا الكلام لا يوجد عليه دليل قوي أو عدم إثباته علمياً لكن مع ذلك يتم الأخذ به في الاعتبار في وسط المجتمع العلمي
أيضا وجود افتراضات قوية وهي ان الحيوانات يمكنها ملاحظة التغيرات والتصدعات التي تحدث في القشرة الأرضية، نتيجة الاهتزازات أو بمعني آخر ملاحظة الشروخ التي تحدث في الأرض.
بالإضافة إلى الضغط الناتج عن الألواح التكتونية يقوم بتكسير الروابط الكيميائية بين المعادن الموجودة في الهواء أو المياه، وبالتالي يجعل الهواء مشحوم بالكهرباء والحيوانات تتمكن من الشعور بهذا التغير في الفرو الخاص بها.
تأثير حدوث الزلازل على الحيوانات
ولأن تكسير الروابط بين المعادن يغير في حمضية المياه نلاحظ ان الضفادع أو البرمائيات تخرج من المياه بشكل مفاجئ وقطع فترة التكاثر قبل حدوث الزلازال بـ 8 أيام.
وذلك لأن بشرة البرمائيات ذات نسمية عالية وتتأثر بـ حمضية المياه بشكل كبير، وأحد أكثر الحيوانات التي أظهرت سلوك غريب للزلازل هي الثعابين والتي كانت تخرج في الثلج من المخبأ الخاص بها لدرجة أنه في بعض الأحيان تموت.
في بداية الأمر كان العلماء يعتقدون أنها عملية انتحار لكن الحقيقة ان هذا كان رد فعل على استشعارهم لحدوث كارثة طبيعية فيخرجون من المخابأ يقابلهم ثلج وبرد شديد فيموتون.
فالثعابين خاصة يشعرون بحدوث الزلازل من موجات وأصوات مصدرها باطن الأرض مثل الموجات الكهرومغناطيسية، لذلك يقول الباحثين ان الثعابين أكثر الحيوانات حساسية تجاه الزلازال.
التنبؤ بحدوث الزلازل من خلال الحشرات
أيضا يمكن الاستدلال بالحشرات لحدوث كارثة طبيعية فالنمل بمفرده تم دراسته، وأثبتت الدرسات أنه حساس بشكل كبير للكوارث ويمكنه اكتشاف اصغر التغيرات
في درجات الحرارة والمجال الكهرومغناطيسي.
بالإضافة إلى الشعور بتغييرات في تركيز ثاني اكسيد الكربون في الجو كلها مؤشرات لحدوث كارثة طبيعية، ومن هنا بدأ الباحثين في استخدام النمل للتنبأ بالهزات الأرضية.
النمل عند شعوره بحدوث التغيرات يبدأ في الخروج من الجحور الخاصة به بطريقة غير طبيعية والتجمع في صف واحد أو مجموعات متكتلة والبحث عن مكان آخر للعيش فيه، لكن غالباً التغيرات تكون فوق طاقتهم ولذلك يبدأ عدد كبير من النمل أن يموت.
عند رؤية الباحثين لمثل هذه الأمور يستنتجوا حدوث زلزال وضربه للمنطقة، ومع صعوبة توقع الزلازل وقصور بعض الدول في تركيب أجهزة الإنذار هناك سؤال هل يمكننا استغلال الحيوانات وهذه الإشارات بأكملها في معرفة حدوث الكوارث الطبيعية؟
مستقبل التنبؤ بحدوث الزلازل والكوارث الطبيعية
في عام 2020 صدرت ورقة بحثية من مجموعة علماء ألمانيين وروسيين اقترحوا فيها استنادًا لأبحاث حدثت من قبل وذكرنا البعض منها، من الممكن تتبع عدد كبير من الحيوانات والزواحف والطيور في مناطق زلازل مختلفة حول العالم.
بإستخدام خوارزميات حاسوب لتحليل أنماط حركتهم، وبالتالي يتمكنوا من التنبأ بحدوث بحدوث الكوارث الطبيعية عن طريق التغيرات التي تحدث لسلوك الحيوانات وكأن الحيوانات أجهزة إنذار.
وبالرغم من أن الموضوع يبدو معقد وفي غاية الصعوبة وذات تكلفة عالية، الا ان المشروع تمت الموافقة عليه وجاري العمل عليه وجمع بيانات حركة الآلاف من الحيوانات حول العالم.
عن طريق نظام مراقبة في محطة الفضاء الدولية يسمى (ICARUS)، وعلى الرغم أنه ذات تكلفة ومازال تحت البحث الا أنه خطوة كبيرة في عالم أجهزة الاستشعار.