كثيرا ما نستيقظ ونحن نشعر اننا كن نحلم طوال الليل ومع ذلك مهما حاولنا تذكر الحلم لا نستطيع تذكر شئ، وعلى الجانب الاخر هناك اوقات نتذكر فيها الاحلام بعد الاستيقاظ من النوم، لكن بمجرد شعورنا بحالة من النشاط ومع بداية اليوم ننسى ما حلمنا به، وإذا تذكرنا شئ من الحلم في نصف اليوم لن نكون قادرين على تذكر الحلم بكافة تفاصيله وكأنه تم مسحه من ذاكرتنا.
وبالرغم ان هناك بعض الاوقات أيضا نستيقظ ونحن متذكرين الحلم بكافة تفاصيله طوال يومنا دون نسيانه، فما السبب الذي يجعلنا ننسي ما حلمنا به بعد الاستيقاظ من النوم والمرور بهذا السيناريو المتكرر.
أسباب نسيان الأحلام بعد الاستيقاظ من النوم
لكي نفهم لماذا ننسي الأحلام بعد الاستيقاظ يجب أولاً ان نعرف ماذ يحدث عند النوم، حيث ينقسم النوم إلى 4 مراحل :
- المرحلة الأولى: هي مرحلة النوم الخفيف الذي ينتقل فيها الجسم من اليقظة إلى النوم.
- المرحلة الثانية: تحدث هذه المرحلة بعد مرور 25 د من النوم تقريباً، وفيها يقل ضغط الدم والتنفس وانخفاض معدل ضربات القلب بشكل ملحوظ.
- المرحلة الثالثة: تعرف هذه المرحلة بإسم مرحلة النوم العميق وتحدث بعد مرور ساعة ونصف تقريباً من بداية النوم، وقتها يظل التنفس في مستوي منخفض ويقل معدل ضربات القلب أكثر من المرحلة الثانية وحدوث ارتخاء في العضلات ووصول ضغط الدم إلى أقل معدل له.
- المرحلة الرابعة: هي مرحلة حركة العين السريعة وهذه هي المرحلة التي تحدث فيها الأحلام، حيث تقوم بعض الوظائف الحيوية في الجسم باستعادة نشاطها مثل رجوع التنفس للتصارع مرة ثانية ووصول نبضات القلب إلى أعلى معدل وضغط الدم يبدأ في الرجوع مرة اخرى، في هذه المرحلة يكون الجسم في حالة من الاستعداد لتنفيذ اي شئ يحدث في الحلم.
على سبيل المثال: إذا كنت تجري في الحلم تقوم فعلا بالجري، ولكي لا يحدث هذا الأمر وما يترتب عليه من مصائب يقوم الجسم بإفراز مواد كيميائية تقوم بعمل شلل مؤقت للعمود الفقري ووقوف حركة الجسم تماماً عدا حركة العين، ولذلك تبدأ في التحرك بسرعة شديدة والتفاعل مع الأحلام.
من ضمن المواد الكيميائية التي تلعب دور في هذه المرحلة هو النورادرينالين والأسيتيل كولين، هذين المركبين من النواقل العصبية المهمة جدا لدماغ الانسان، وهناك دراسة تم نشرها في عام 2016 القائمين عليها ربطوا بين تغير مستوي المركبين في الجسم وبين نسيان الاحلام.
وذلك لان المركبيين لهما دور مهم في معالجة اللغة وتحسين الذاكرة، ونقصهم في مرحلة الاحلام يعد احد الأسباب الذي تجعلنا ننسي الاحلام، يُعني ذلك هو عدم التذكر بشكل كافي عندما تكون النواقل العصبية تعمل بشكل ضعيف.
وهناك مجموعة اخرى من الباحثين لم يروا ان هذا السبب في نسيان الاحلام، ولكي نفهم راي الباحثين لابد من معرفة ان النوم عملية حيوية.
ومن نعم ربنا سبحانه وتعالى جعلنا ننام لان النوم يساعدنا في معالجة الكثير من الامور مثل:
ان الدماغ تبدأ في مراجعة كل الأحداث التي حدثت على مدار اليوم، اي حالة من الفلترة للاحداث من خلالها تقوم الذاكرة بنقل الأحداث المهمة لها وحذف الأحداث التي ليست مهمة، ولذلك تتأثر الاحلام بهذه المعالجة التي يحدث فيها تداخل الكثير من الأحداث التي مر بها الانسان على مدار اليوم.
ومن خلال النوم يتفاعل الانسان مع هذه الذكريات أثناء عملية الفرز حتي لو كانت هذه الذكريات سيتم مسحها، لذلك عند الاستيقاظ نشعر وكأن حدث مهم قد حدث متذكرين الأحداث ولكن بشكل ضبابي، بل ان من الممكن ان يكون لدينا مشاعر تجاه ما حدث لكن الدماغ في هذه الحالة قد تم مسح منها الذاكرة.
السبب في مسح بعض الأحداث وعدم الاحتفاظ بها كاملة هو طبيعة دماغ الانسان لمسحها الاحداث غير المهمة باستمرار، وذلك لان عملية الفرز والمسح عندما تحدث تساعد الذاكرة في العمل بشكل أفضل وأقوي وتمكننا من معالجة المعلومات الجديدة واستقبالها بشكل أفضل.
بالرجوع إلى مراحل النوم مرة ثانية هناك احتمال ثالث من الممكن ان يكون السبب في نسيان الاحلام بعد الاستيقاظ من النوم، في مرحلة النوم الخفيف تبدأ بعض الوظائف الحيوية الدخول في مرحلة خمول لكي توفر الطاقة إلى ان يستيقظ الشخص، ومن ضمن ما يحدث ان منطقة "الهيبوكامبس" تدخل في مرحلة خمول.
حيث تعد منطقة الهيبوكامبس الجزء الاخير الذي ينام في الدماغ والجزء الاخير الذي يستيقظ، ويعتبر الهيبوكامبس أهم المناطق المسئولة عن نقل المعلومات من الذاكرة قصيرة المدى إلى الذاكرة طويلة المدى.
وبما انه الجزء الأخير الذي ينشط عندما نقوم من النوم يكون الهيبوكامبس لم يستيقظ، وبالتالي الحلم الذي نتذكره يكون في الذاكرة قصيرة المدى لكن العامل المسئول عن نقله إلى الذاكرة طويلة المدى يكون لم يستيقظ بعد، وبالتالي ننسي الحلم من الذاكرة قصيرة المدى لانه لم يتم نقله إلى الذاكرة طويلة المدى، ونتيجة لذلك لا يمكننا تذكر الحلم مرة ثانية.
رغم ان الأسباب السابقة جميعها الا ان مع ذلك يوجد أشخاص يتذكرون احلامهم بشكل كافي اي بكافة تفاصيلها، سبب ذلك يعود إلى الحلم نفسه اي عندما تمس الاحلام مسألة مهمة في حياتنا أو لها علاقة بشئ نحبه عادة ما نتذكر هذه الاحلام، بالاضافة إلى ان ذاكرتنا تعمل بشكل كامل بعد مرور دقيقتين من الاستيقاظ.
اي انه عند استيقاظك ومازلت تتذكر الحلم واخذت تذكر نفسك به لمدة دقيقتين غالبا ما سيتم نقله إلى الذاكرة طويلة المدى مما يعني انك ستظل تتذكر هذا الحلم.
هناك دراسات قام بها الباحثين تؤكد وجود صلة وثيقة بين الاوقات التي نستيقظ فيها خلال الليل وبين تذكرنا للاحلام، حيث اكتشفوا انه كلما زاد الاستيقاظ كان هناك احتمالية اكبر لتذكر الاحلام عند الاستيقاظ من النوم، وكلما قل الاستيقاظ كان هناك احتمالية اقل لتذكر الاحلام عند الاسيقاظ من النوم.
بالرغم ان الفرضية السابقة مقبولة وسائدة في المجتمع العلمي لوقت طويل الا ان هناك نقطة اخرى هي من تحدد فاعلية الاستيقاظ في الليل وهذه النقطة هي مقدار الوقت الذي نستيقظه، يعني ذلك ان اغلبنا يستيقظ وهو نائم لكن المهم يستيقظ كم مرة.
كما ذكرنا سابقاً عند الاستيقاظ تكون منطقة الهيبوكامبس في حالة من الخمول والاحلام تكون في الذاكرة قصير المدى، مما يعني انه اا استيقظنا من النوم ونشعر بالقلق غالباً هذا الاستيقاظ لن يفيدنا في تذكر الاحلام، وذلك لان الهيبوكامبس مازال لم يستيقظ.
حيث قدرا الباحثين الوقت الذي نحتاجه مستيقظين في الليل لكي نستيقظ متذكرين الاحلام يترواح ما بين دقيقتين إلى 5 دقائق، اي انه كلما استمرينا فترة اكبر مستيقظين قبل العودة إلى النوم كلما زادت فرصتنا في تذكر الاحلام، لان في هذه الحالة نعطي فرصة أكبر للاحلام بالانتقال من الذاكرة قصيرة المدى إلى الذاكرة طويلة المدى.
من المتفق عليه بين العلماء والباحثين ان متوسط عدد الأحلام اليومية يتراوح بين 4 إلى 6 احلام، وأيضا متفق على انه لايوجد شخص لا يحلم، لكن هناك من يتذكر الأحلام وهناك من لا يتذكرها معتقدين انهم لا يحلمون وفي الغالب الحلم الذي يتذكره الشخص بكافة تفاصيله يكون أخر حلم قد يكون حلمه الشخص.
ولان تذكر الأحلام يرتبط بشكل النوم وكم مرة يستيقظ الشخص في الليل، دعني أخبرك ان الشخص الذي يأخذ كفايته من النوم وينام بشكل عميق غالباً لا يتذكر الحلم الذي حلمه، يُعني ذلك انه في حالة تذكر الحلم بشكل كبير معناه ان النوم متذبذب والاستيقاظ في الليل وعدم القدرة على النوم مرة اخرى بشكل أفضل، وهذا الأمر نستطيع من خلاله فهم طبيعة النوم الخاصة بنا.
كيف استطيع ان اتذكر حلمي؟
الحل ببساطة تظل متذكر الموضوع في ذاكرتك، يُعني ذلك عند استيقاظك من النوم تبدأ في التركيز في التفاصيل التي تتذكرها أو تقوم بكتابتها بشكل مفصل على ورقة بجانبك أو تقوم بسرد الحلم على شخص مقرب لك في حالة تذكرك للحلم.
جميع هذه التصرفات لن تجعل الحلم مجرد شوائب عالقة في الذاكرة قصيرة المدى واختفائه بعد فترة من الوقت، وقتها ستتعامل الدماغ معه على انه ذاكرة مهمة وتبدأ في معالجته بأكثر من طريقة، حيث يساعد في نقل الحلم إلى الذاكرة طويلة المدى وفي هذه الحالة تظل متذكر الحلم.
هناك امر أخر يرشحه الأطباء وهو ظبط المنبه ليجعلك تستيقظ بعد مرور 90 دقيقة من النوم، والتي يعتقعد انه الوقت الذي تبدأ فيه الأحلام، وبعد الاستيقاظ تبدأ في تدوين كل ما تتذكره على ورقة لكن هذه نصيحة لكي تجربها لا أكثر حتى تتمكن من معرفة ما الذي سوف تحلم به، انما ليست نصيحة طيبية كي تستمر عليها وهو الاستيقاظ بعد مرور 90 دقيقة من نومك.
في النهاية لابد من فهم ان الدماغ البشري معقد بشكل كبير جداً، حيث من الصعب تفسيره من خلال فرضية أو تجربة واحدة، فمن الممكن ان نكون لا نتذكر الأحلام لانها ليست مهمة أو حتي بسبب وجود نقص في النواقل العصبية بالإضافة إلى بعض الأمور الكيميائية الي تحدث في الدماغ.
الأسباب في الغالب تكون خليط من عوامل كثيرة وكما ذكرنا سابقاً ان الحلم المهم الذي سوف يؤثر بداخلك ويلمس حياتك انت سوف تتذكره دون بذل اي مجهود، والأحلام الغير مهمة سوف يتم ازالتها لكى يستفيد شئ أخر من مكانها الذي تشغله.
اقرأ أيضا : 10 حقائق ومعلومات غامضة عن الجسد الذي نعيش بداخله