هل تساءلت سابقاً عن كمية الأملاح الموجودة في البحار والمحيطات؟ وكم ستكون هذه الكمية إذا استخرجناها؟ قبل الإجابة على هذا السؤال لابد من مناقشة أسباب وجود الملح في البحار والمحيطات من الأصل.
أسباب وجود الملح في البحار والمحيطات
تتفاعل مياه الأمطار مع الصخور وتأخذ منها الأملاح إلى الأنهار ومن ثم إلى المحيطات لكن كيف؟، يتكون غلافنا الجوي من العديد من الغازات, يشكل غازان النيتروجين والأكسجين (٧٨٪ نيتروجين - ٢١٪ أكسجين) بالإضافة إلى ذلك وجود غازات ذات نسب ضئيلة جداً مثل غاز ثاني أكسيد الكربون يشكل ٠,٠٠٣٪ مع ذلك هذه النسبة الضئيلة هي السبب في جعل مياه البحار مالحة.
عند هطول الأمطار يذوب جزء من غاز ثاني أكسيد الكربون داخل قطرات المطر ويتحول ثاني أكسيد الكربون إلى حمض الكربونيك نتيجة لتكون هذا الحمض تتغير درجة حموضة المطر، في الشكل الطبيعي درجة حموضة الماء هي سبعة وأن الماء متعادل بين الحمضية والقلوية.
حيث يؤدي تكون حمض الكربونيك داخل المطر إلى تغيير درجة الحموضة إلى خمسة ونصف جاعلاً المياه حمضية، بعد وصول المطر إلى سطح الأرض والارتطام بالصخور يحدث تفاعلاً كيميائيًا يُعرف بالتجوية.
تقوم قطرات المطر الحمضية بإذابة أجزاء صغيرة من هذه الصخور، هذه الأجزاء الصغيرة تكون على شكل أيونات عند ذوبانها في الماء، تقوم مياه الأمطار بإذابة أنواع كثيرة من هذه الأيونات بعد ذلك تحمل مياه الأمطار هذه الأيونات وتصطحبها إلى الأنهار نتيجة لكون الأنهار جارية وتصب في البحار والمحيطات ينتهي المطاف بذه الأيونات هناك.
من العوامل المؤثرة على نسبة الملوحة في البحار والمحيطات
بينما المصدر الأول يأتي من السماء يأتي المصدر الثاني من قاع البحار والمحيطات وهو المنافذ الحرمائية، المنفذ الحرمائي هو مصطلح يطلق على الفتحات الموجودة في قاع المحيطات، هذه الفتحات هي حلقة وصل بين طبقة الوشاح العلوي وطبقة القشرة المحيطية.
تدفق من هذه الفتحات سوائل وغازات عالية الحرارة والتي تحتوي على كميات كبيرة من أيونات الأملاح والمعادن الذائبة، تحمل الأنهار والمنافذ الحرمائية أنواع مختلفة من الأيونات، تقوم الكائنات البحرية المختلفة بإستخدام بعض أنواع هذه الأيونات الذائبة في عملياتها الحيوية بعد ذلك تتبقي خمسة أنواع من الأيونات بشكل رئيسي.
هذه الأيونات الخمسة تشكل ٩٩٪ من الأيونات الذائبة في البحار والمحيطات، الطعم المالح لمياه البحار هي بشكلٍ أساسي من أيونات الصوديوم، ملح الطعام على سبيل المثال هو كلوريد الصوديوم عند إذابة هذا المركب الكيميائي في كوب من الماء يتفكك المركب إلى أيونات الصوديوم والكلور.
عندما تقوم بشرب هذا الكوب ستجد أن الطعم مالحاً وهو بسبب وجود أيونات الصوديوم، في وقتنا الحالي تركيز الملح في البحار يقارب ٣،٥٪ هذا يعني وجود ٣٥ غم من الملح في كل لتر من الماء، تركيز الملح بين محيط واخر لأسباب متعددة وبشكل عام يترواح نسبة تركيز الملح بين ٣٢ غم - ٣٨ غم لكل لتر من الماء.
ما سبب ملوحة البحار والمحيطات؟
في المجمل المحيط الأطلسي هو أشد المحيطات ملوحة يليه المحيط الهادي ومن ثم المحيط الهندي، تركيز الملح في البحار يعتمد بشكلٍ أساسي على التبخر، حيث تقوم أشعة الشمس برفع درجة المياه في البحار مما يؤدي إلى تبخرها عندما يتبخر الماء تتبقى الأملاح.
يتكاثف بخار الماء ويعود إلى الأرض عن طريق المطر، يحدث دورة التجوية مرة اخرى مما يؤدي إلى جلب المزيد من الأملاح إلى البحار، بهذا الشكل يزداد تركيز الملح في البحار مع مرور الزمن لهذا السبب قبل ملايين السنيين كان تركيز البحر في المحيطات أقل من نسبة ٣،٥٪.
تحدث هذه العملية بشكل أسرع من المعتاد في المسطحات المائية المغلقة بشكل كامل، إذا كان هناك مسطح مائي تصب به مياه الأنهار وكان حوض هذا المسطح مغلقاً اي أن المياه لا تغادر المسطح الا عن طريق الممرات المائية فإن تركيز الملح سيزداد بشكل سريع دون توقف.
من أشهر الأمثلة على ذلك هو البحر الميت، تركيز الملح في البحر الميت يعادل ٣٤٪ اي مايقارب عشرة أضعاف البحار والمحيطات، البحر الميت لا يعد المسطح المائي الأعلى ملوحة في العالم بل يحتل المرتبة السادسة.
المسطحات المائية الأعلى ملوحًا في العالم
- بركة جايتليه 》٤٣،٣٪
- بحيرة رتبا 》٤٠٪
- البحيرة السوداء المستقيمة 》٣٥٪
- بحيرة عسل 》٣٤،٨٪
- بركة دون وان 》٣٣،٨٪
- البحر الميت 》٣٣.٧٪
كمية الأملاح الموجود في البحار والمحيطات
بناءًا على هيئة المسح الجيولوجي الامريكية هناك أكثر من مليار و٣٠٠ مليون كم³ من المياه على سطح الأرض، ٩٧٪ من هذه المياه تتواجد في المحيطات، بإستخدام التركيز ٣،٥٪ كمعدل للملوحة تحتوى مياه المحيطات على ٤٨ كوانتليون كيلو جرام من الملح بإستخدام قانون الكثافة يكون حجم هذه الكمية ٢٢ كوادرليون م3 .(كوانتليون - كوادرليون) أسماء الأعداد بعد المليون - المليار.
إذا قمنا بوضع هذه الكمية فوق دولة قطر على سبيل المثال،فستغطي دولة قطر بالكامل على إرتفاع ١٩٠٠ كم اي ما يعادل إرتفاع ٢٣٠٠ برج مثل برج خليفة فوق بعضهم البعض.
اما إذا قمنا بوضع كمية الملح هذه بالتساوي على جميع الكرة الأرضية فستغطي الكرة الأرضية بالكامل لارتفاع يصل إلى ٤٤ مترًا اي بارتفاع بناية مكونة من ١٤ طابقاً.