دائما ما نسمع عن المجاعات الموجودة في إفريقيا وخصوصاً دول جنوب إفريقيا وحث المنظمات الدولية الأشخاص على التبرع لهم لإنقاذهم وبالنظر نجد أن ليس لديهم الطعام أو الشراب بالإضافة إلى الملابس والمستشفيات والبنية التحتية.
بعض القُرى الموجودة في إفريقيا بمجرد دخولها تشعر أنك سافرت عبر الزمن لعصور ما قبل التاريخ، حيث لا يوجد هُناك أي مظهر من مظاهر التمدن والعمران، لكن في نفس الوقت نسمع أن إفريقيا قارة غنية جداً بالموارد الطبيعية.
لدرجة أن البعض يصفها أنها أغنى قارة في العالم، وهنا يظهر مفارقة عجيبة كيف لأفريقيا أن تكون قارة فقيرة رغم أنها غنية جداً بالموارد الطبيعية كما يُذكر.
موارد قارة إفريقيا
الذهب والذي يعتبر العنصر الأغلى التي يعبر عن الثراء في العالم بأكمله، العالم يوجد فيه ٧ قارات لكن لك أن تتخيل ٥٠٪ اي نصف كمية الذهب الموجودة في العالم توجد في قارة أفريقيا وليس ذلك فقط بالإضافة إلى :
- ٧٥٪ من الالماس
- ٩٠٪ من الكروم والبلاتين
- ٥٠٪ من الكوبالت
- ٣٠٪ من احتياطي الغاز والنفط
- ٣٠٪ من اليورانيوم
٦٥٪ أراضي صالحة للزراعة، وذلك يرجع إلى التنوع الهائل في النباتات والمحاصيل التي تمتلكها القارة ومنها :
- الكاكا
- الفول السودانى
- الزيتون
- أشجار النخيل
- الفاكهة والخضروات بأنواعها
بالإضافة إلى أفضل أنواع الخشب الموجود في العالم يوجد في أفريقيا مثل "خشب الماهجونى"
دليل آخر يثبت أن قارة أفريقيا غنية : أفريقيا يوجد بها ٦٣ حوض نهري وهذه الأحواض تغطي ٦٤٪ من مساحة القارة، والجزء الساحلي الغربي من قارة أفريقيا من أهم مناطق الصيد في العالم وينتج سنوياً ملايين الأطنان.
بالإضافة إلى احتواء مصايد الأسماك في إفريقيا على أكثر من ٣٠٠٠ نوع مختلف من الأسماك وتمثل ثلثين الانتاج العالمي للأسماك الداخلية في العالم بأكمله.
كل هذه الموارد السابقة تدل على أن إفريقيا قارة غنية جداً جداً من ناحية الموارد، لكن لماذا شعوب هذه القارة فقيرة رغم كل هذه الموارد وليس اي فقر فالشعوب في إفريقيا لا يجدون مياه للشرب والمشي عشرات الكيلومترات من أجل الحصول على الماء.
وطبقاً للاحصائيات نجد أن تقريباً ثلث سكان الجزء الجنوبي من إفريقيا يعانون من الجوع بالإضافة إلى ذلك قارة أفريقيا لديها أعلى معدل وفيات أطفال في العالم من بين كل ١١ طفل يموت طفل قبل بلوغه سن الخامسة.
وتقريباً ٤٠٪ من الأطفال لا يحصلوا علي فرصة الذهاب إلى المدارس والتعلم وذلك من أجل العمل والحصول على دخل لهم.
لماذا قارة إفريقيا فقيرة؟
يذكر كُتاب التاريخ أن الموارد الطبيعية لقارة أفريقيا بحد ذاتها كانت اللعنة لأفريقيا، وذلك لأن القوة الاستعمارية طمعت فيها على مر التاريخ ولفهم القصة أكثر دعونا نعود بالتاريخ :
كان أول احتكاك بشكل مباشر مع الأوروبيين وأفريقيا في بداية القرن الخامس عشر عندما تمكن البرتغالييون من عبور البحر المتوسط والوصول إلى ساحل أفريقيا عن طريق المغرب، ومع مرور الوقت بدأ البرتغالييون الدوران حول الساحل الغربي لأفريقيا ومن بعدهم الأسبان والفرنسين والإنجليز والطليان.
وعندما توغل الأوروبيين من ناحية الجنوب اكتشفوا أن أمامهم كنز حقيقي من الثروات والموارد والأهم من كونه كنز أنه لم يكن مُأمن، حيث كان سكان هذه المناطق عادةً ما كانوا مُسالمين أو حتي الغير مسالم منهم لم يكن يمتلك وسيلة متطور يقوم بالدفاع به عن نفسه.
وهنا استغل الأوروبيين الفرصة وبدأوا في ممارسة أعمال الاعتداء والنهب على الأفارقة، حيث كانت تصل السفن الأوروبية الساحل الأفريقي وتعبئة هذه السفن اي موارد تقابلهم من دهب - أخشاب - ثمار - حيوانات وغيرها.
ومن كثرة تهافت الأوروبيين على أفريقيا وبسبب خلافهم مع بعضهم على من يأخذ الحصة الأكبر من الموارد المنهوبة فقد عقد مؤتمر في برلين عام ١٨٨٤ م حيث بدأوا وعلى الملأ في تقسيم أفريقيا بين بعضهم وتم تقسيمها على ٧ دول أساسية والتي كانت الاقوي في ذلك الوقت وهي :
- إنجلترا
- فرنسا
- ألمانيا
- إيطاليا
- أسبانيا
- البرتغال
- بلجيكا
فرنسا وحدها كانت تستعمر ٢٠ دولة إفريقية اي تحتل نصف أفريقيا بمفردها، حيث استمر الاستعمار الفرنسي في بعض هذه الدول أكثر من ١٠٠ عام ولذلك يوجد الكثير ممن يتحدث الفرنسية إلى وقتنا الحالي.
هذه الفترة الاستعمارية الطويلة جداً لقارة أفريقيا قد أجهدت الشعوب الأفريقية تماماً، ولذلك الاستعمار الأوروبي هو السبب الأساسي أن قارة أفريقيا قارة فقيرة.
استقلال بعض الدول الأفريقية
مع حلول عام ١٩٦٠ م بدأت معظم الدول الأفريقية الخروج من تحت عباءة حكم الاستعمار، حيث بدأوا في الاستقلال عن الهيمنة الأوروبية التي عاشوا تحت حكمها مئات السنين، وبالرغم من أن هذه الدول استقلت بالفعل
الا أن الأنظمة التي تولت مقاليد الحكم في هذه الدول كانت أنظمة ضعيفة ليس لديها الخبرة الكافية لإدارة شئون البلاد أو الموارد بل أن معظم الأنظمة تحولت إلى أنظمة فاسدة مع مرور الوقت.
بالإضافة إلى أن الدول الاستعمارية لم تترك إفريقيا في حال سبيلها، اي نعم الاحتلال العسكري قد سبق وانتهى لكن الدول الاستعمارية بقيت في أفريقيا، شركات ضخمة ومؤسسات تعمل بشكل غير مرئي لتفعل نفس ما كانت تفعله القوة الاستعمارية خلال حكم الاحتلال العسكري.
تتفق هذه الشركات مع النخب السياسية الفاسدة حتي يسمحوا لهم بالتنقيب والاستفادة من موارد في منطقة معينة مقابل مبالغ مادية زهيدة، وبالنسبة لمصلحة هؤلاء الفاسدين والتركيز على مصالحهم الشخصية كانوا يوافقون دون تررد مقابل المال.
ومن هنا تبدأ الشركات الأوروبية في أخذ كل ما لذة وطاب من المعادن والنفط والغاز الطبيعي بكميات غير محدودة والتي بدوره جعل البلدان الافريقية تتكبد خسائر مهولة من الموارد الطبيعة التي تملكها.
يذكر الكاتب الصحفي الامريكى توم برجس في كتابه the looting machine أو آلة النهب أن الكونغو الديمقراطية معروفة بامتلاكها لمناجم الالماس وأن في الفترة بين ٢٠٠٧ إلى ٢٠١٢ تم استخراج كميات مهولة من الالماس وتم بيعها للشركات كمواد خام بقيمة بلغت مليار دولار.
هذا الرقم بالنسبة للنخبة السياسية في الكونغو يعتبر كبير، لكن المدهش أن هذه الشركات قد أخذت الالماس وتم إعادة صناعته والكسب من وراءه مبلغ ٤٠ مليون دولار وهو مبلغ كفيل لإنعاش اقتصاد الكونغو بالكامل إذا كان هناك تصرف صحيح من قبل الإدارة، ونفس الأمر ينطبق علي بقية الناصر والمعادن.