ثور البيسون (Bison) - ولماذا قضى الجيش الأمريكي على هذا الحيوان؟

حيوان البيسون (Bison) أو الجاموس الأمريكي، البيسون كانت تقدر أعداده في البرية حوالى 30 مليون فرد، لكن عندما احتل الأوروبيين الأمريكتين ارتكبوا أكبر عملية إبادة للحيوانات في التاريخ.

وفي عام 1884 وصلت أعداده في البرية إلى 300 فرد فقط، ويوجد لقطة مشهورة تم التقاطها في أواخر القرن التاسع عشر لشخصين يقفون على كومة ضخمة تشبه الهرم مليئة بجماجم ثور البيسون.

فما السبب؟ ولماذا قام الجيش الأمريكي بالقضاء على حيوان البيسون؟


ثور البيسون (الجاموس الأمريكي)

لماذا قضى الجيش الأمريكي على ثور البيسون؟

البيسون هو نوع ضخم من الأبقار انتشر بأعداد مهولة في المراعي والأراضي العشبية التي تمتد من ألاسكا في شمال أمريكا إلى خليج المكسيك في أقصى الجنوب، حيث كان يعتبر أكبر الحيوانات من الثدييات الموجودة في قارة أمريكا الشمالية بأكملها، وكان السكان الأصليين للامريكتين يعتمدون عليه بشكل أساسي في العديد من الأشياء.


منافع ثور البيسون

حيث كان يعد ثور البيسون بالنسبة لهم بمثابة كنز، أولا تناول لحمه واستخدام الجلد الصيفي له في صناعة الخيام أم بالنسبة إلى الجلد الشتوي كان يتم استخدامه في صناعة البطاطين والملابس الشتوية، واستخدام العظام والقرون في صناعة الأدوات.



أعداد ثور البيسون في البرية

كان حيوان البيسون يتكاثر بأعداد مهولة، حيث كانت تتراوح أعداده في البرية من 30 مليون لـ 60 مليون فرد، وبالرغم من ذلك لم يكن السكان الأصليين يصطادونه بكميات كبيرة بل كانوا يصطادون ما يلبي احتياجاتهم فقط، وكانوا يتعاملون معه على أنه جزء مهم جدًا من ثقافتهم.


هنود السهول (السكان الأصليين)

في خمسينيات القرن التاسع عشر كان الأوروبيين قد احكموا قبضتهم على الأمريكتين واستوطنوها، والولايات المتحدة كانت قد أعلنت استقلالها منذ عشرات السنيين، لكن بالرغم من ذلك كان السكان الأصليين ما زالوا متواجدين وكان يوجد منهم مجموعة توجد بكثرة في منتصف وغرب أمريكا وتحديدًا في منطقة السهول الداخلية.
هنود السهول

ولذلك أُطلق عليهم اسم هنود السهول، وبمناسبة الاسم مصطلح هنود ما هو إلا غطرسة أوروبية، هذه الجماعة تسمى السكان المحليين، هو فقط عند اكتشاف الأمريكتين من قبل الأوروبيين بزعمهم واعتقادهم بوصولهم الهند لذلك قاموا بتسميتهم بالهنود، حيث لم يكونوا يعلموا أنها أرض جديدة وقتها.


سبب قيام الجيش الأمريكي بالقضاء على حيوان البيسون

كان هناك صراع بين هنود السهول والأوروبيين لأن الأوروبيين كانوا يريدون جمع كافة السكان الأصليين الموجودين في المنطقة ووضعهم داخل قرية صغيرة للعيش بها، ليقوم الأوروبيين بنهب الأراضي وسرقتها كالمعتاد.

وفي ذلك الوقت كان لديهم ما يعرف باسم حلم التوسع الأمريكي تجاه الغرب، وهذا هو قدرهم في استعمار هذه الأراضي، لكن كلما كانوا يحاولون اقتحام السهول كان السكان الأصليين يقوموا بمنعهم ومحاربتهم وتكبيدهم خسائر مهولة، وخصوصًا أن تضاريس هذه المناطق معقدة ولا يعرفها إلا سكانها الأصليين.

فقد كانوا جماعة مسلحة يجيدون ركوب الخيل، وعلى الجانب الآخر كان الأمريكان قد انتهوا وخروجهم من حرب أهلية فلم يكونوا حمل معارك أخري، لذلك فكروا في فكرة في غاية الخبث لتحقيق أهدافهم.

قائد الجيش الأمريكي وقتها ويليام شيرمان أخبرهم بما أن هنود السهول يعتمدون على حيوان البيسون في كافة جوانب حياتهم فسوف نقوم بالقضاء على البيسون، وبذلك تجويعهم وإجبارهم على طلب المساعدة.

ويليام شيرمان

وخصوصًا أن السكان الأصليين وقتها لم يكونوا على اتصال بالعالم الخارجي علي عكس الأمريكان الذين كانوا يستوردون من أوروبا كل ما يحتاجونه، وبذلك أعطى الجيش الأمريكي الضوء الأخضر لآلاف الصيادين الأوروبيين بالفتك بثور البيسون.

وعلى الرغم من وجود معاهدات وقتها من الجيش الأمريكي وزعماء القبائل تنص على منع الصيادين من الدخول لأراضيهم، إلا أن الأمريكان كالعادة لم ينفذوا الاتفاقيات.

بل أنهم قاموا بحماية الصيادين وتزويدهم بالعتاد والذخيرة ليصطادوا بها، بالإضافة إلى سلاح الفرسان الأمريكي الذي انضم إلى الصيادين وبدا في إبادة البيسون بنفسه.

وعندما اعترض السكان الأصليين والجمعيات الحقوقية تدخلت، صدر قرار من الكونجرس الأمريكي عام 1874 ينص على أن صيد ثور البيسون غير قانوني، لكن الرئيس الأمريكي وقتها (يوليسيس جرانت) أعترض على القرار ومنعه.


يوليسيس جرانت

وصرح بحرية الصيد لمن يرغب في ذلك، بل أن الأمريكان في وقتها بدأوا في الترويج لفكرة صيد البيسون لمن يرغب من باب الترفيه، بالإضافة إلى إرسال الدعوات لرياضيين والمشاهير في أوروبا من أجل الحضور واصطياد البيسون.

آلاف من حيوانات البيسون كان يتم اصطيادها بشكل يومي، ففي عام 1876 كان يوجد صياد أوروبي قام باصطياد 5800 بيسون بمفرده على مدار شهرين فقط، أي ما يعادل 100 بيسون في اليوم الواحد.

لم يتوقف الأمر عند هذا الحد فقط بل لاحظوا أن صناعة الجلود كان عليها إقبال شديد في أوروبا، ولذلك روجوا إلى فكرة الاستفادة من جلد البيسون وهذا بدوره زاد من عملية الصيد الجائر لثور البيسون.


ومن أبشع الممارسات التي قاموا بها وهي قيام الصيادين بصيد البيسون وأخذ جلودها وترك لحومها متناثرة على الأراضي إلى أن تتعفن وتتحلل وعدم الاستفادة منها، وذلك لأن بعض الصيادين كانت تقوم بوضع السم داخل اللحوم حتي لا يستطيع أحد من السكان الأصليين أو الحيوانات من تناولها.

وبعد تحلل اللحوم كان الصيادين يقوموا بجمع العظام والجماجم المتبقية من باب التفاخر أو لفرمها واستخدامها كسماد، وهذا هو الوقت الذي تم التقاط فيه الصورة الشهيرة التي ذكرناها.

extermination bison

هنود السهول في ذلك الوقت كانوا يرون الأمريكان وهم يقوموا بالفتك بحيوانهم الأساسي حيث لم يكن وقتها لديهم خلفية عما يحدث أو سبب عدم مهاجمة الأوروبيين لهم كما من قبل، لكن مع الوقت اتضحت لهم الرؤية.

حيث اكتشف السكان الأصليين الأمر بعد فوات الأوان بعد أن قلت أعداد البيسون بشكل كبير وملحوظ وعدم وجود ما يستطيعون تناوله، ففي أواخر ثمانينيات القرن التاسع عشر بلغت أعداد البيسون في البرية من 300 فرد لـ 500 رد فقط، بل أن بعض الإحصائيات تقول أن العدد وصل إلى 100 فرد فقط.

وهكذا نجحت الإستراتيجية الدنيئة وانتصروا على هنود السهول، وبعد حرمان هنود السهول من مواردهم الغذائية اضطروا للخضوع للأمريكان بسبب الجوع، حيث قاموا بترك أراضيهم والتخلي عنها وقاموا بالنزوح إلى مناطق لم يكن مسموح لهم بالخروج منها.


في المقابل أن من احتل أرضهم يوفر لهم احتياجاتهم الغذائية، حيث دخلت الشركات الأوروبية بعد ذلك إلى داخل الأراضي للاستيلاء عليها وعلى مواردها وإقامة متنزهات سياحية وترفيهية في الأماكن التي كان يعيش فيها هنود السهول.

من الأشياء المثيرة للسخرية هي بعد قضاء الأمريكان على هنود السهول وتحديد أماكن إقامتهم بدأوا في ترديد ما السبب في قلة أعداد حيوان البيسون بهذا الشكل الملحوظ هذا ليس قانونيًا فالحيوانات لها حقوق كما يزعمون كالعادة، 

وبالفعل بدأوا بمنع الصيد والقبض على كل من يقوم باصطياد البيسون بشكل غير قانوني، وفي النهاية حولوا حيوان البيسون الذي يتكاثر بأعداد مهولة لحيوان مهدد بخطر الانقراض، ولكن ولحسن الحظ بعض الأثرياء الأمريكان وقتها كانوا محتفظين بحيوانات البيسون بالمزارع الخاص بهم.

ولذلك قامت الحكومة الأمريكية بمصادرتها وضمها للأعداد الأخرى المتبقية في البرية ووضعهم داخل محميات كبيرة ورعايتها لسنين طويلة إلى أن عادة أعدادهم تزيد مرة أخري، ووصلت أعدادها حاليًا إلى 500٬000 ألف فرد، حيث لا يمثل هذا العدد شيء مقارنة بأعدادهم الأصلية سابقًا.


إقرأ أيضًا : 


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-