ربما جميعًا تعرضنا لمثل هذا الموقف وهو اختفاء شيئ ما نبحث عنه، وعندما نيأس في عدم العثور عليه يظهر الشيء الذي نبحث عنه فجأة من العدم بعد عدة محاولات كثيرة من البحث عنه وإيجاده، هذا شغل عقل وتفكير الكثير إلى أن تحول وأصبح ظاهرة تعرف بإسم "ظاهرة اختفاء الأشياء" (DOP)، ولذلك بدأ ظهور تفسيرات لهذا الموضوع في غاية الغرابة.
بعض الأقاويل تذكر أن السبب وراء اختفاء الأشياء ثم ظهورها فجأة هو خلل في المصفوفة، بمعنى أن العالم الذي نعيش فيه ليس عالمًا حقيقيًا، بل هو عباراة عن محاكاة على أجهزة الحاسوب يتم حدوث خلل داخل أنظمتها يسبب اختفاء الأشياء.
وأقاويل أخرى تقول أن السبب وراء اختفاء الأشياء هي أبعاد ثانية، انزلاق الأشياء وسقوطها في أبعاد أخرى أو داخل مستوى أخر من الوجود كما يسمونه وبعدها تخرج من ذلك البعد مرة أخرى عندنا.
تفسير "ظاهرة اختفاء الأشياء" Disappearing Objects Phenomenon
في الواقع يوجد أكثر من تفسير لهذه الظاهرة، السبب الأول الذي يجعلنا نشعر باختفاء الأشياء من أمام أعيننا ومهما بحثنا عنها لا نتمكن من العثور عليها هو شيء مرتبط بالذاكرة ومعالجة المعلومات والتركيز على حدث معين دوننا عن غيره.
مثال: نفترض أنك تجلس على مكتب وتقوم بكتابة شيء مهم، وليكن حل بعض الواجبات أو إنهاء بعض المهام الدراسية، فخلال إنهاء هذه المهام من حيث حلها وكتابتها وبمجرد الانتهاء وإتمام المهام تجد أنك نسيت وليكن كتابة اسمك على الورقة، فتعود مرة أخرى للمكتب الذي كنت تجلس عليه لتحضر القلم تجد أن القلم قد اختفى من على سطح المكتب، ومع البحث عنه لم تتمكن من العثور عليه.
آل تفسير للموقف السابق ببساطة هو أنك خلال هذا الموقف كان تركيز مُنصب تمامًا في حل وكتابة المهام الدراسية غير مهتم بما يحدث حولك، حتي ولو كانت القلم الذي تستخدمه، ولذلك بمجرد الانتهاء من المهام المُكلفة قد حركت القلم من مكانه دون أن تدرك بشكلٍ عشوائي، والشاهد أن الدماغ لا تسجل أينا من هذه المعلومات لأنك لم تُعيرها اهتمامًا وكان كامل تركيز على انهاء المهام الدراسية.
-خصوصا- أن الجزء الموجود في الدماغ المسئول عن الأنشطة الروتينية غير متصل مع الجزء المسئول عن التفكير الواعي، ولذلك مهما حاولت تذكر المكان الذي وضعت به القلم لن تتذكر، ومن هنا يأتي إليك شعور أن القلم قد اختفى.
السبب الثاني وراء الشعور باختفاء الأشياء من أمامنا هو ما يتعلق بالمعالجة البصرية أو التشويش الذي يحدث نتيجة المعالجة البصرية.
هناك مثال لأحد الأشخاص تحكي على أحد المواقع أنها كانت تمتلك زجاجة ماء تفضلها عن غيرها، وفي يوم من الأيام غطاء الزجاجة قد اختفى فأخذت تبحث عنه لعدة أيام وعندما فقدت الأمل في العثور عليه، قد عثرت عليه داخل أحد الأدراج داخل منزلها في مكاننا واضح، حيث تذكر أنها كانت تبحث يوميًا داخل هذا الدرج دون ملاحظة الغطاء، هذا الموقف يُلخص مصطلح التشويش البصري الذي ذكرناه.
يوجد ما يعرف بإسم "تأثير الانتقاء البصري" وهي ظاهرة تقوم فيها الدماغ باختيار لنا ما نلاحظه وما لا نلاحظه حتى وإذا كان الشيئين أمام أعيننا، وتحدث هذه الظاهرة لأكثر من سبب أهمها أن المعالجة البصرية لدينا أحيانًا ما تعتمد على التوقع وليس المعاينة الحقيقية.
ولذلك من الممكن في مرة من المرات أن ترى الشيء التي تبحث عنه بعينيك ودماغك توهمك أن هذا الشيء غير موجود، لأن المعالجة التي تحدث داخل الدماغ أحيانًا ما تختار الراحة والإعتماد على التوقعات أكثر من الاعتماد على معالجة المعلومات الموجودة -بالفعل-.
السبب الثالث لحالة التشويش البصري هو زيادة الضغط أو المجهود العقلي، فمجرد البحث عن شيء -بشكل مكثف- يحدث إجهادا للدماغ حيث يتشتت الذهن والذي بدوره يمنعك من التركيز على التفاصيل، ولذلك الشيء الذي نبحث عنه من الممكن أن يكون أمام أعيننا بشكل عادي وننظر إليه ولكن لا ننتبه لوجوده، قياسًا على ذلك القلق والتوتر يؤدون إلى نفس النتائج.
تفسير ظهور الأشياء الذي نبحث عنها فجأة من العدم
الإجابة ببساطة وهي عدم التركيز على الشيء المختفي والتوقف عن البحث عنها، التوتر والقلق لديك يبدءون في التلاشي بالإضافة إلى أن الدماغ تدخل في مرحلة استرخاء وانفتاح أكثر، وبالتالي، تتمكن من ملاحظة التفاصيل التي لم تكن تراها قبل ذلك، باختصار أنك تخرج خارج فقاعة البحث والتركيز الشديد ووقتها تزداد قوة الملاحظة لديك، وهذا هو التفسير لظهور الأشياء الذي نبحث عنها فجأة من العدم.
بعض الحلول لمشكلة ظاهرة اختفاء الأشياء الذي نبحث عنها
- (مارين دينيز) أستاذة الطب النفسي في جامعة كنتاكي، تقول عند وضع شيئًا في مكان ما، أن تعتاد أن تردد بصوت عالي أنك وضعت هذا الشيء في هذا المكان، ترديد الحديث مع نفسك يجعلك تتذكر المكان الذي وضعت فيه الشيء، حيث سيتم نقل المعلومة من العقل اللاوعي إلى العقل الواعي.
- (دانيال شاكتر) مؤلف كتاب الخطايا السبعة يقوب أن البشر بطبعهم يضعون الأشياء في غير أماكنها وهذا هو الذي يسبب المشكلة.
- الاعتياد على وضع المتعلقات في أماكنها المحدد مع عدم تغيرها إطلاقًا، لن تختفي الأشياء من أمام أعينك كما في السابق.