الطعام شيء أساسي في حياة البشر جميعهم، هو المصدر الأساس الذي نستمد منه الطاقة والعناصر الغذائية التي تحتاجها أجسامنا كالفيتامينات والمعادن وغيرهم، ولذلك من الطبيعي جسمنا من وقت لآخر يرسل لنا إشارات يخبرنا بها أن يحتاج الطاقة للاستكمال، فبمجرد الشعور بالحزن أو الزهق تأخذنا أقدامنا إلى الثلاجة لتناول الطعام فما هي العلاقة بين الشعور بالحزن والجوع؟
ماذا يحدث داخل الجسم عند الشعور بالحزن أو القلق؟
لفهم الأمر وهو الشعور بالجوع أو تناول الطعام بكثرة عند الشعور بالحزن، لا بد من فهم أولًا ماذا يحدث في أجسامنا عندما نشعر بالحزن أو القلق، حيث اكتشف العلماء بعد سنوات من البحث والدراسة أن الجسم البشري يحتوي على آلية دفاع مُبهرة،
دائما ما يقاوم أي شيء من الممكن أن يكون خطر عليه، حتى إذا كانت تحمل نسبة خطورة قليلة جدًا، حيث أوضحت الدراسات أن عند تعرضنا إلى موقف يضايقنا أو الشعور بالضغط النفسي أو العصبي، وليكن خسارة الفريق الذي نشجعه خلال المباراة النهائية أو التوتر، يترجم الجسم هذا الإحساس على أنه تهديد أو إنذار بالخطر.
وبما أن الجسم عند تعرضه لموقف خطر يدخل في حالة (fight or flight) ومعناها الهروب أو المعركة، فيبدأ الجسم في التعامل مع هذا الأساس على أننا هربنا أو سوف نتشاجر أي حدوث قلق، فتبدأ الدماغ في إرسال إشارات إلى الغدد الكظرية لتنتج الهرمونات اللازمة للتعامل مع مثل هذه المواقف،
فيبدأ ترتفع نسبة هرمون "الأدرينالين" في الجسم وهذا ما يجعلنا نشعر وقت العصبية أو الحزن بغليان الدم في الجسم، حيث تبدأ نبضات القلب في التسارع وارتفاع مستوى الطاقة واستعداد للهروب أو المعركة.
ولأن أجسامنا لا تعرف إذا كان الشعور بالتوتر ناتجًا عن أي حدث فيبدأ في أخذ الاحتياطات اللازمة، وهنا يأتي دور هرمون ثان مهمته محاولة إنقاذ الموقف وهو هرمون "الكورتيزول"، هذا الهرمون يقوم بتقليل عملية التمثيل الغذائي في الجسم لتوفير كل الطاقة المطلوبة للمعركة أو حتى للسباق الذي سوف تبدؤه، حيث يبدأ في إرسال إشارات إلى الدماغ إن الجسم يحتاج إلى طاقة وذلك يتم من خلال تناول الطعام،
ما هو الجوع العاطفي؟ emotional hungry
وفجأة -وبدون أي مقدمات- تجد نفسك بعد الإحساس و الشعور بالقلق والتوتر أنك تشعر بالجوع وترغب في تناول الطعام حتى وإذا كنت قد سبق وتناولت الطعام منذ قليل.
التفسير الفسيولوجي لظاهرة الجوع العاطفي
هرمون الكورتيزول : عندما يرتفع في الدم كما ذكرنا يجعلنا نشعر بتناول النشويات أو السكريات أو الدهون لأن الجسم يعلم أن هذه الأطعمة هي التي سوف توفر الطاقة التي يحتاجها في وقت قصير، فقديمًا كان الشعور بهذا الإحساس يجعل الشخص يلجأ لتوفير الطاقة من خلال المصادر الطبيعية مثل الفواكه أو الدهون الحيوانية التي ليس لها أي أثار على الجسم،
لكن حاليًا المواطن العصري يلجأ إلى تناول الشوكولاتة أو الأكلات السريعة كالبرجر والبيتزا وغيرها، وهو اللجوء إلى مصادر غير صحية لتشبيع الرغبة المُلحة بداخله وهي الحصول على وجبة دسمة أو مليئة بالسكريات وهنا تبدأ ظهور المشكلات الأخرى، فنوعية هذه الأطعمة تؤدي إلى ارتفاع هرمون الأنسولين في الدم وبشكل سريع جداً.
والمشكلة الأكبر عند تناول الأطعمة التي تحتوي على السكريات تجعلنا نرغب بتناول الطعام مرة أخرى على أمل الشعور بالشبع أو تحسين الحالة المزاجية لكن الحقيقة المؤسفة هي عدم الشعور بالشبع وعدم تحسين الحالة المزاجية، حيث تكون مجرد متعة لحظية لبعض الوقت وتنتهي.
نُشرت دراسة عام 2012 تفيد بأن اللجوء إلى تناول الوجبات غير الصحية لحظة الشعور بالحزن هي أحد أسباب العرضة للاكتئاب وإن حدث الاكتئاب يتم الهروب منه من خلال تناول الأطعمة غير الصحية، ولذلك نجد الكثير أن الشعور بالحزن يجعلهم يفرطون في تناول الأطعمة.
من الجدير بالذكر أن التفسير الفسيولوجي -كما ذكرنا سابقا- لظاهرة الجوع العاطفي هي ليست السبب الوحيد الذي يجعلنا نشعر هذا الشعور، بل يوجد أسبابًا خارجية أيضا لعبت دورًا في تناول الطعام وقت الحزن بديلًا عن حلها، وأولهم الإعلانات.
وهذا مع مرور الوقت جعلنا نربط السعادة بتناول الوجبات السريعة للشعور بالسعادة النفسية، بالإضافة إلى ربط المناسبات السعيدة أيضًا بتناول مثل هذه الوجبات، ولذلك عند الشعور بالضغط أو الحزن نلجأ لتناول الأطعمة غير الصحية على أمل أن يذكرنا باللحظات السعيدة، ولذلك من المهم جدًا التفرقة بين الجوع الحقيقي والجوع العاطفي.
الفرق بين الجوع العاطفي والجوع الحقيقي
الأكل العاطفي أو الجوع العاطفي علاماته واضحة جدًا ومختلفة تمامًا عن الجوع الحقيقي، الجوع العاطفي نشعر به فجأة دون أي مقدمات، وهذا على عكس الجوع الحقيقي والذي يبدأ الشعور به تدريجيًا إلى أن يزيد الشعور به مع مرور الوقت.
فإذا كنت تشعر فجأة أنك ترغب في تناول الطعام فلابد أن تعلم أن هذا مجرد شعور بالأكل العاطفي، بالإضافة إلى أن الجوع العاطفي يجعلك ترغب في تناول أكلة معينة، والحل لهذا الشعور هو تناول وجبة صحية غنية بالألياف والبروتينات لكي تشعر بالشبع التام وزوال الرغبة.
وبما أن هذه الأحاسيس نشعر بها وقت الزهق أو الخنقة فمن الأفضل التعود على ممارسة عادات صحية أكثر تحسن من الحالة المزاجية مثل :
- ممارسة هواية أنت تحبها
- ممارسة الرياضة
- قراءة كتاب