لماذا بدأ الصين فجأة بإطلاق الأرانب في صحرائها، في خطوة غير متوقعة قامت الصين بإطلاق 1,200,000 أرنب في الصحراء، وهذا الرقم الكبير يحمل وراءه قصة مثيرة.
يُعرف عن الصين أنها لا تقوم بأي خطوة إلا إذا كانت لمصلحتها وهذه الحالة ليست استثناء، واجهت الصين مشكلة كبيرة مع توسع صحاريها بشكلٍ مستمر.
في تسعينيات القرن الماضي بلغت مساحة الأراضي الصحراوية في الصين حوالي 1,71 مليون كيلومتر مربع، وهو ما يعادل خُمس مساحة البلاد، لكن بحلول عام 2015 شهدت هذه المساحة زيادةً مدهشة حيث توسعت الأراضي الصحرواية إلي 2,62 مليون كيلو متر مربع.
مما يعني أن ثُلث أراضي الصين تقريبًا تحولت إلى صحراء، أدركت السلطات الصينية أن عليها اتخاذ اجراءات حازمة لوقف هذا التوسع، خاصة أن معدل التوسع الصحراوي كان يزيد بمقدار 10,000 كيلومتر مربع سنويًا في القرن الـ 21.
بدأت الصين في تنفيذ برامج تشجير ضخمة لإعادة تأهيل الأراضي الرملية وجلب الخُضرا إليها، ولكن هذه الجهود لم تكن كافية وهنا تدخل عالم صينيًا مشهور يدعى "كيان يوجين" اقترح إدخال نظام بيئي متكامل للصحراء بدلًا من الاعتماد فقط على زراعة الأشجار والعشب.
قام بتقديم ثلاثة تقنيات، الزراعة الحرجية وزراعة الأشجار والشجيرات بشكل غير منتظم كما في الغابات الطبيعية، الزراعة لتوفير فرص العمل للسكان وتربية الحيوانات.
اختار كيان يوجين نوعًا خاصًا من الأرانب تُعرف باسم ارنب "ريكس" والذي يتميز بقدرته على التكيف في البيئات الصحراوية القاسية وتكاثره السريع.
يتميز هذا النوع بقدرته على حفر التربة للبحث عن جذور العشب، مما يحسن من تهوية التربة ويعزز من النباتات، كما أن هذه الأرانب تترك بذور النباتات في فضلاتها مما يساهم في نشر الغطاء النباتي في المناطق الصحراوية.
أدي إدخال الأرانب إلى تحسين ملحوظ في جودة التربة وزيادة الغطاء النباتي، حيث ارتفعت نسبة الأراضي التي تحتوي على نباتات من %3 إلي %84 بحلول عام 2021.
وهذا النجاح ليس فقط في تحسين البيئة بل أيضًا في زيادة دخل المزارعين الذين يستفيدون من فراء الأرانب ولحومها، هذه الخطوة الصينية كانت ناجحة للغاية واثبتت فاعليتها في تحويل الصحراء إلى مناطق خضراء.
وبعتبر هذا نموذجًا يمكن الاستفادة منه في بلدان أخري مثل مملكة المغرب والسرق الأوسط لمكافحة التصحر.
عندما يتعلق الأمر بمشاريع ضخمة ومُثيرة للجدل تتلاعب بالطبيعة فإن الصين دائمًا ما تكون في الصدارة، فمن القضاء على المليارات من الطيور إلي محاولات طموحة لتغيير الأنظمة البيئية ولكن ما الذي دفع الصين لاتخاذ خطوة جريئة مثل إطلاق 1,200,000 أرنب في الصحراء، للإجابة دعونا ننتقل إلى قصة أخري كارثية مشابهة حدثت في مكان أخر.
غزو الأرانب في أستراليا ، في خمسينيات القرن التاسع عشر عام 1850 عندما كانت أستراليا لا تزال خالية نسبيًا من السكان الأوروبيين، جلب المستعمرون البريطانيون ثلاثة عشر أرنب أوروبيًا إلى القارة.
كان الهدف بسيطًا جعل الأرض تبدو أكثر وطنيةً لهم، لكن الأمور سرعان ماخرجت عن السيطرة بفضل غياب المفترسات الطبيعية وتوفر بيئة مواتية، تضاعفت أعداد الأرانب بشكلٍ هائل خلال 6 عقود فقط انتشرت الأرانب في %70 من مساحة أستراليا.
وبلغ عددها حوالي عشرة مليارات أرنب، هذا الانفجار السكاني للأرانب كان كارثيًا، فقد دمرت المحاصيل تآكل التربة وأصبحت الحياة الزراعية شبه مستحيلة، لم يكن أمام الحكومة الاست الاسترالية خيارًا سوي إتخاذ إجراءات صارمة.
فقد تم تجربة فيروسات مُميتة مثل (Myxomatosis) و (RHDV) للقضاء على الأرانب ونجحوا إلى حدًا كبير، حيث انخفض عدد الأرانب بنسبة %96، ومع ذلك كانت الخسائر البيئية والاقتصادية هائلة.
الصين تواجه التصحر ورغم الدروس المستفادة من التجربة الاسترالية قررت الصين أن تخوض مخاطرة مدروسة بإطلاق 1,200,000 أرنب في صحرائها، لفهم السبب علينا النظر إلى مشكلة التصحر التي تعاني منها البلاد.
بحلول عام 2015 امتدت الصحاري لتغطي أكثر من 2,6 مليون كيلومتر مربع مما أثر على %40 من سكان الصين، هذا التصحر لم يكن مجرد تحديًا بيئي، بل تهديدًا مباشرًا لانهاء حياة الملايين.
في محاولة لمكافحة هذه الظاهرة أطلقت الصين هذا المشروع وهو تحويل الصحاري إلى أراضي خضراء، شملت الخطة زراعة الأشجار وتشجيع الزراعة الصحراوية، وهنا دخلت الأرانب على الخط.
ولكن كما أثبتت تجربة أستراليا، فإن ترك الأرانب دون رقابة من الممكن أن يؤدي إلي كوارث بيئية، بين المخاطر والفرص والنتائج الإيجابية الأولية تبقي التجربة محفوفة بالمخاطر إذا خرجت أعداد الأرانب عن السيطرة.
فقد تلحق أضرارًا جسيمة بالنظام البيئي المحلي، ومع ذلك يُظهر المشروع تفكيرًا طموحًا من الصين في استخدام حلولًا مبتكرة لمشاكل بيئية مُعقدة.
هذا يطرح سؤالا مهمًا، هل يمكن أن تتبع دولًا أخرى مثل دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا نهجًا مشابهًا لتحويل صحاريها إلى أراضي خضراء؟، وهل يمكن أن تنجح هذه الإستراتيجية دون الوقوع في نفس الأخطاء التي حدثت في الماضي، شاركونا آراءكم حول هذه التجربة المُثيرة، هل ترونها خطوة مدروسة ام أنها مخاطرة لا مبرر لها.
إقرأ أيضًا :