كيف تجني الألعاب المجانية ملايين الدولارات؟ أسرار الربح في عالم الألعاب المجانية

تُصنَّف لعبة X كواحدة من أفضل ألعاب الترفيه في العالم والشرق الأوسط، بل وحتى الفضاء الخارجي! إنها مناسبة لجميع الأعمار وحاصلة على أعلى التقييمات من كبرى منظمات الألعاب الترفيهية. لا داعي للقلق، فاللعبة متاحة مجانًا تمامًا وبدون أي رسوم. هدفنا هو أن تستمتعوا بتجربة لعب رائعة، كل ما عليكم فعله هو تحميلها والاستمتاع بها دون أي تكلفة!

عندما نشاهد هذا النوع من الإعلانات، قد يتبادر إلى أذهاننا سؤال مهم: كيف تستفيد هذه الشركات من تقديم الألعاب والتطبيقات مجانًا؟

في الواقع، تطوير أي لعبة أو تطبيق يتطلب مجهودًا ضخمًا، بدءًا من المبرمجين والمطورين والمصممين، مرورًا بالممولين، ووصولًا إلى فريق عمل متكامل يعمل بجد لإطلاق المشروع. وفي بعض الحالات، يتم إنفاق مبالغ طائلة لجعل هذه الألعاب متاحة للجمهور.

كيف تربح الألعاب المجانية الأموال؟


إذًا، لماذا تُطرح هذه الألعاب مجانًا دون أي مقابل؟ هل القائمون عليها يفعلون ذلك بدافع الكرم، أم أن هناك استراتيجية ذكية تحقق لهم أرباحًا بطرق غير مباشرة؟

لعبة "بوكيمون جو" تُعد واحدة من أشهر الألعاب التي حققت انتشارًا واسعًا بفضل فكرتها المبتكرة. في اللحظة التي تم إصدارها فيها لأول مرة في الولايات المتحدة، لم يستغرق الأمر سوى أقل من يوم حتى بدأت في تحقيق أرباح ضخمة، وفي أقل من أسبوع واحد تجاوزت إيراداتها 14 مليون دولار!

وعلى سبيل المثال، نجد أن لعبة "ببجي" استطاعت تحقيق أكثر من 1.5 مليار دولار من الإيرادات، رغم كونها لعبة حديثة نسبيًا. أما "فورتنايت" إحدى أكثر الألعاب شعبية في العالم، فقد تجاوزت أرباحها حاجز 3 مليارات دولار، بينما حققت لعبة "كاندي كراش" أكثر من 2 مليار دولار منذ إطلاقها وحتى اليوم.


هذه الأرقام الهائلة تطرح سؤالًا مهمًا: كيف تحقق هذه الألعاب المجانية كل هذه الأرباح، رغم أن تحميلها لا يتطلب أي مقابل مالي؟ 

ما هو السر وراء نموذج الربح في الألعاب المجانية؟

إذا كنت تعتقد أن أرباح شركات الألعاب تأتي فقط من بيع الألعاب وفرض رسوم على تحميلها، فأنت مخطئ! في الواقع، معظم أشهر الألعاب على الهواتف المحمولة تكون مجانية، لكن السر وراء تحقيق الأرباح رغم مجانية التحميل يكمن في المشتريات الداخلية التي تظهر داخل اللعبة نفسها.

هذا النموذج يُعرف باسم "Freemium" وهو مزيج بين كلمتي Free (مجاني) وPremium (استثنائي أو مدفوع)، ويُشير إلى التطبيقات والألعاب التي تجمع بين المحتوى المجاني والمحتوى المدفوع.

في الماضي، كانت التطبيقات إما مجانية أو مدفوعة بالكامل، لكن المطورين بدأوا في الاعتماد على نموذج Freemium، حيث تكون اللعبة مجانية التحميل، لكن يتعين على المستخدمين الدفع داخلها لشراء عناصر إضافية مثل الأسلحة، الخرائط، الملابس، أو أي ميزات أخرى.


هذه المشتريات الصغيرة تدرّ أرباحًا تفوق بكثير الأرباح التي يمكن تحقيقها من بيع اللعبة بسعر ثابت، لأن اللعبة المدفوعة تُباع مرة واحدة فقط، بينما في نموذج Freemium يمكن للمستخدمين الدفع عدة مرات مقابل تحديثات وعروض مستمرة. بهذه الطريقة، تتحول اللعبة من مجرد منتج يُباع لمرة واحدة إلى مشروع استثماري يحقق أرباحًا متكررة!


ما الذي يدفع اللاعبين إلى إنفاق أموالهم على مشتريات داخل لعبة مجانية؟

لنتخيل الموقف التالي: أثناء تجولك في أحد المولات أو الشوارع، تجد شخصًا يعرض عليك قطعة من الطعام لتجربتها مجانًا. غالبًا ما تكون هذه العينة لذيذة للغاية، لكن المطعم لا يفعل ذلك بدافع الكرم فقط، بل يعتمد على استراتيجية تسويقية ذكية تُعرف باسم "جرّ الرجل".

صاحب المطعم يعلم جيدًا أن طعامه لذيذ، لكنه يدرك أيضًا أنك قد تتردد قبل شراءه لأول مرة إذا كان عليك دفع المال مباشرة. لذا، يسهل عليك القرار عبر منحك تجربة مجانية، مما يجعلك ترغب في العودة وشراء المزيد بنفسك.


وهذا بالضبط ما يحدث مع نموذج الألعاب المجانية! يتم تقديم اللعبة مجانًا تمامًا حتى لا تتردد لحظة في تحميلها، لكنها في الوقت ذاته تكون مصممة بعناية، بجودة عالية وجاذبية كبيرة، مما يجعلك تستمتع بها وتندمج معها حتى تصبح جزءًا من روتينك اليومي. وبهذا، تكتمل أول خطوة في رحلة تحقيق الأرباح.

بعد ذلك، تبدأ اللعبة في تقديم خدمات مدفوعة بطرق ذكية تدفعك إلى الإنفاق. إحدى هذه الطرق هي جعل المراحل الأولى سهلة وجذابة، ثم تصعب التحديات تدريجيًا، ليجد اللاعب نفسه في مواجهة عقبات صعبة، مثل وحش قوي يهدد تقدمه أو مستوى معقد يصعب اجتيازه.


وهنا يظهر الحل: رسالة على الشاشة تخبرك بأن لديك فرصة لإنقاذ تقدمك! يمكنك شراء أسلحة أو أدوات مساعدة مقابل دولار واحد فقط لمساعدتك على الفوز. في تلك اللحظة، قد تجد نفسك توافق فورًا لتجنب الخسارة، وهذه التقنية تُعرف باسم "إدخال الألم وتحفيز الإنفاق لإزالته".

لكن هذه ليست الطريقة الوحيدة، فهناك استراتيجيات أخرى! تعتمد بعض الألعاب، مثل "Clash of Clans" أو "Candy Crush"، على عنصر الوقت، حيث تصل إلى مرحلة متقدمة وتصبح متحمسًا لاستكمالها، لكنك تفاجأ بأن عليك الانتظار 12 ساعة قبل أن تتمكن من اللعب مجددًا.


وفجأة، تظهر أمامك رسالة مغرية:
"وقتك ثمين، لا تضيّعه! ادفع 3 دولارات واستمتع بالمرحلة فورًا!"

ولأنك تحب اللعبة وترغب في مواصلة اللعب، ستجد نفسك تدفع المال لمواصلة التقدم. وهناك استراتيجية أخرى تُعرف باسم "الدفع مقابل الفوز" (Buy to Win)، حيث يمكن للاعب أن يصل إلى المراحل المتقدمة التي استغرقت منك عامًا كاملًا في يوم واحد فقط عبر الدفع. تُعد هذه من أسوأ طرق تحقيق الأرباح في عالم صناعة الألعاب، لأنها تخلق فجوة بين اللاعبين وتمنح الأفضلية لمن يدفع أكثر.


كيف تحصل هذه الألعاب على الأموال فعليًا؟

الخطوة الأولى: إنشاء عملة افتراضية داخل اللعبة
يحرص مطورو الألعاب على تقديم عملة افتراضية مغرية، مثل الجواهر أو النقود الذهبية، بدلًا من طلب المال مباشرة. هذه استراتيجية نفسية ذكية، لأن الناس عادة ما يجدون صعوبة في دفع أموال مقابل شيء غير ملموس. لذلك، بدلاً من أن تطلب اللعبة منك دفع دولار واحد لاجتياز المرحلة، تخبرك بأنك تستطيع شراء 50 جوهرة بدولار واحد فقط، ومن ثم يمكنك استخدام الجواهر لاجتياز المرحلة.

وهنا يأتي العامل النفسي: عندما ترى أنك تحصل على 50 جوهرة مقابل دولار واحد، سيشعر عقلك الباطن بأنك تحقق صفقة رابحة! ستقول لنفسك: "يا له من عرض رائع، سأحصل على 50 جوهرة بسعر زهيد!"، وهكذا تتحفز للدفع دون تردد، خاصة وأن عملية الدفع لا تستغرق سوى ثوانٍ معدودة، خاصة إذا كانت بطاقة الائتمان مسجلة مسبقًا على متجر التطبيقات.


لكن ماذا عن الأشخاص الذين لا يدفعون أبدًا؟

قد تتساءل: "أنا لا أنفق أي أموال على الألعاب، ولا أضع بطاقة الائتمان الخاصة بي، فهل يستفيد المطورون مني بأي شكل؟"

في الحقيقة، سؤالك في محله! دعني أوضح لك أن الأشخاص الذين يدفعون مقابل الخدمات داخل اللعبة لا يمثلون سوى نسبة ضئيلة من إجمالي الأرباح التي تحققها الشركات. ومع ذلك، فإن اللاعبين الذين لا يدفعون أي أموال يظلون مهمين جدًا بالنسبة لمطوري الألعاب، لأن أعدادهم الضخمة تساهم في زيادة شهرة اللعبة، مما يجعلها تتصدر قوائم الألعاب الأكثر شهرة. وهذا بدوره يجذب المعلنين الذين يتهافتون على عرض إعلاناتهم داخل اللعبة.

وهنا نصل إلى عنصر أساسي في تحقيق الأرباح: الإعلانات!

كيف تحقق الألعاب المجانية أرباحًا من الإعلانات؟

كما أن الإعلانات تُعد المصدر الأول للدخل للعديد من المواقع الإلكترونية والمنصات الإعلامية، فإن الأمر نفسه ينطبق على الألعاب والتطبيقات. عندما تقوم بتحميل لعبة مجانية من المتجر، ستجد أنها مليئة بالإعلانات في كل مكان: داخل اللعبة، أثناء اللعب، عند فتح التطبيق، وحتى عند إغلاقه!

وإذا شعرت بالانزعاج من كثرة الإعلانات، فهذه أيضًا فرصة إضافية لتحقيق الأرباح! حيث ستظهر لك خيار إزالة الإعلانات مقابل دفع مبلغ صغير. وهكذا، سواء اخترت مشاهدة الإعلانات أو التخلص منها، فإن المطورين يحققون أرباحًا في كلتا الحالتين.


ماذا لو كنت تتخطى الإعلانات دائمًا ولا تشتري أي شيء عبر الإنترنت؟

حتى لو كنت تتجنب الإعلانات، فإن مطوري الألعاب لا يزالون قادرين على تحقيق أرباح منك، من خلال بيع البيانات!


كيف تستفيد الألعاب المجانية من بياناتك؟

مطور الألعاب يجمع كميات هائلة من البيانات عن سلوك اللاعبين، مثل:

  • ما هي الميزات التي تعجبك في اللعبة؟
  • ما الذي يزعجك أثناء اللعب؟
  • متى تقضي معظم وقتك في اللعب؟
  • أي الدول تمتلك أكبر عدد من عشاق اللعبة؟


يتم استخدام هذه البيانات لتطوير التحديثات المستقبلية وجعل اللعبة أكثر جذبًا، أو حتى بيعها لشركات أخرى تحتاج إلى معلومات عن جمهور الألعاب لتحسين استراتيجياتها التسويقية.


الخلاصة:

الألعاب المجانية ليست مجانية كما تعتقد! فسواء كنت تدفع مباشرة، أو تشاهد الإعلانات، أو حتى مجرد لاعب نشط، فإن المطورين يحققون أرباحًا منك بطريقة أو بأخرى

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-